Page d'accueil Nos saints
Sainte Thérèse de Jésus (d’Avila)
  • Sainte Therese De Jesus

السيرة الروحيَّة
كتابة: المطران جان سليمان الكرملي – النائب الرسولي لطائفة اللاتين \ بغداد

«أريد أن أرى الله»، ردّدت بعزم تريزا الطفلة. «لقد حان الوقت أن نلتقي، يا حبيبي»، هتفت تريزا بإيمان وطيد ومحبّة حارّة على فراش الموت. فبين رغبة الطفلة برؤية الله وأرتماء القديسة في أحضانه، مسيرة لا أغنى، ولا أخصب ولا أعجب. وفي هذه الحياة، أكثر من غيرها، لا يشكل المرئي الظاهر، على غناه وتجدّده ومفاجآته، سوى الصدى الخافت للمغامرة الداخليّة. ذلك أن حياة القديسة تريزا ليست فقط حياة مسيحيّة خارقة وحسب، بل هي شهادة على ما يستطيع الله أن يحقّقه في نفس تقبل عمله وتنفتح على روحه وتغدو مسرحًا لنعمته. أن حياة تريزا هي، بتعبير آخر، سعي دؤوب نحو الله همّت، في بدايته، أن تضع يدها على الله فتمتلكه ففوجئت به تعالى وجلّ، يدغدغ أحلام طفولتها، يبهر نظر شبابها – وهي التي بهرت أنظار الشباب -، يتراءى لها قويًا ثابتًا وطيدًا عندما يرمي بها المرض، مرارًا، في أحضان الضعف والانحلال ويتهددها الموت وتعجز حتى عن الصلاة والابتهال، ويخطب ودّها بعد طول عذاب في التأمل، وبعد طول غياب عنه في التودّد إلى المعارف والأصحاب والتجمّل، ويعلن خطوبته لها بعد أرتدادها، ولا يتوانى عن عقد القرآن بعد مضيها في سبيله وأصلاحها ادياره وذوبانها في محبته، وينتظر وصولها إلى آخر محطة في حياتها الأرضيّة ليضمّها إليه فتنعم بحياته الأزليّة. ولقد تجسدت هذه المسيرة الداخلية في مسرى انساني، تضيء جوانبه ويدل على عمق روحانيّتها، وهذا ما نود إظهاره في السطور اللاحقة.

1- رغبة في رؤية الله
ولدت تريزا في بيت تعبق في أرجائه التقوى المسيحيّة العميقة وتتردّد بين جدرانه أصداء القدّيسين والشهداء، من جهة، والجنود الفرسان الأبطال، من جهة أخرى. ورأت النور في عصر متأجِّج، أخترقته حركات إصلاحيّة روحيّة عديدة وأنارته يقظة دينيّة متشعّبة الأطراف وغمرته موجة من التصوّف الديني العام. وقد تعلّمت أصول القراءة منذ نعومة أظافرها. وراحت تعبّ من قراءة حياة القدّيسين ما يغني مخيّلتها ويساعد على تخفيف أحلامها.

إن هذا الارث المتعدّد الجوانب جعل من تريزا الصغيرة طفلة جريئة لا تقبل بأنصاف الحلول ولا ترضخ للواقع ولا ترتاح لما يزول.

أ‌) «إني أريد أن أرى الله ولرؤيته ينبغي أن أموت»
ان الاختبار الأوّل الذي طبع تريزا منذ تفتحها على هذا العالم، هو إختبار طابع هذا العالم الزائل. «وكنا نتأثر في أعماقنا – تكتب في سيرة حياتها – إذ نقرأ في كتبنا أن العذابات والمكافآت من شأنها أن تدوم إلى الأبد. وكثيرًا ما كنّا نتداول بشأن هذه الفكرة، فيطيب لنا أن نكرر غالبًا: إلى الأبد إلى الأبد». وفي سعيها وراء الحصول على الأبديّة، وجدت أن الاستشهاد هو الطريق الأقرب والوسيلة الأنجح والسبيل الأقوم. وما كان منها، ذات يوم، إلاَّ أن انسلّت فجرًا من البيت الوالدي بصحبة أخيها رودريغو، قاصدة بلاد المغاربة المسلمين لتنال على يدهم اكليل الاستشهاد وتحصل على مجد السماء الدائم ورؤية الله الأزليّة. وانتهت هذه المغامرة الصبيانيّة على يد أحد الأقرباء. ولم تتوقف تريزا عن اللجوء إلى وسائل أخرى لتحقيق رغبتها المطلقة، فراحت تبني الصوامع والمناسك في بستان البيت الوالدي علّها بهذه «الحيلة» تضمن لها نعيمًا لا ينزعه منها أحد.

ب‌) وجه هذا العالم على زوال
لقد مرّت طفولة تريزا سعيدة هنيئة غير أنها ودّعتها حزينة دامعة؛ فما كادت تبلغ الثالثة عشرة حتى وافى المنون والدتها الشابة وقد أنهكتها الولادات واضنتها المتاعب. فرمى هذا الفراق الأليم تيرزا في عزلة رهيبة وخبرت ضعفها العميق وفقرها وسرعة انعطاب الحياة. غير أنها تمالكت عواطفها، وبعد أن طلبت إلى العذراء أن تكون أمّا لها، عادت تعيش بالقرب من والد خيّمت عليه الكآبة وبين جوقة من الأخوة والأخوات وأولاد الأخوال والأعمام وتنغم بمودتهم وتفرح بإعجابهم وتوددهم.

وتكبر تريزا جميلة جذّابة، ساحرة رائعة، لطيفة غنيّة، يشار إليها بالبنان وينهال عليها الثناء من كلّ صوب وناح. وهذا ما كانت تسرّ به سرورًا كبيرًا. فدبّ الخمول من جراء ذلك في حياتها الروحيّة وراحت تغضّ الطرف عن النداء الداخليّ نحو المطلق وتعبّ من مناهل الحياة وكلما سنحت له الفرصة، ومع هذا كلّه، كانت تشعر بفراغ لا يسدّه مديح الناس واعجابهم، فلا الهروب من الواقع في عالم الفروسيّة يخمد جذوة المطلق في أحشائها، ولا الحب الذي يشدّها إلى أحد أقربائها، وهي فتاة يانعة، يُصمِتُ صوته؛ ولا أحد غير الله يشفي ظمأها ويسد جوعها.

عندما شعر الوالد بالمخاطر تحفّ بإبنته الشابة الناشئة، أدخلها دير الأوغوسطينيّات لمتابعة تربيتها. فولجت عتبته وصراع عنيف يدور في داخلها، تريد أن تختار ولا تستطيع. فلا الزواج يريحها ولا الحياة الرهبانية تجذبها.

لكنها استعادت، بعد فترة من دخولها الدير تلميذة، نوعًا من السكون الباطني. وتحت تأثير إحدى الراهبات التي كانت تجيد الكلام عن الله وعن شؤون الروح، عاد إليها ذوقها للصلاة. ولم يدم الهدوء طويلاً. فالمرض كان يتربّص بتريزا وأجبرها على مغادرة مدرستها منهوكة القوى، تحسّ، مرة أخرى بضعفها البشري وقوّتها المحدودة وتقلّب حياتها.

وتوقّفت، وهي في طريقها إلى قضاء مدة راحة عند أختها المتزوجة في الريف المجاور لآفيلا، عند خالها المتصوّف بِدْرو الذي أثّر فيها أيمانه وأغنتها المطالعة في كتبه، وعملت فيها كلّ العمل كلماته: «لقد أثرت فيّ كلمات الله التي كنت أقرأها وأسمعها، أثرًا جعلني أدرك الحقيقة التي شعرت بها في عهد طفولتي وهي أن كلّ شيء عدم».

جـ) «لقد وجدت أن الحياة الرهبانيّة هي الأمل الأضمن»
عادت الصحّة تدبّ في أعضاء تريزا وتزيدها قوة واندفاعًا وتشعّ على وجهها جمالاً ورقّة وفي عينيها تألّقًا وأملاً. ورجعت إلى البيت الوالدي ورجع إليها الصراع ذاته. فهي تريد أن تعبّ من معين الحياة (… بكل استطاعتها بينما تخشى نهاية كلّ شيء من جهة أخرى). وقد وجدت للصراع حلاً استلهمته من عقلها وحققته بإرادتها. فهي لا تشعر بميل إلى الحياة الرهبانيّة وأن خامرتها بعض الأحيان فكرة الترهبّ، وترى أن الحياة الرهبانيّة هي الطريق الأفضل والأكمل، الأضيف والأسرع، لضمان الحصول على الله، فعزمت على إرغام نفسها على الانخراط في السلك الرهباني.

فتريزا المتكبرة، والتكبّر هو إرث إسبانيا القرن السادس عشر، المحبة للذات، ارادت ان تصبح قديسة. عزمت على أن تحقق رغبة طفولتها في رؤية الله. فاختارت الطريق العسير الضيّق. ورغم معاندة والدها وهي تعبده من كثرة ما تحبّه، دخلت ذات صباح، دون علمه، دير التجسّد، لمتابعة مسيرة القداسة، لقد كان شعار آفيلا، «الانكسار ولا الالتواء، الموت ولا الانخذال»، ومع هذا فقد كتبت في مسيرتها تتذكر قائلة:
«أذكر، ويبدو لي أنها الحقيقة، أني حينما خرجت من منزل والدي، اختبرت غصة عميقة لا أظن أنه الموت بالنسبة لي هو اشدّ منها. فخيّل إليّ أن عظامي جميعها تنفصل بعضها عن بعض. ولم يكن لي آنذاك محبة لله قويّة بحيث تهيمن على المحبة التي أحملها لأهلي وأقاربي. وكان الصراع عنيفًا إلى حدّ أنه، لو لم يأتِ الربّ إلى نجدتي، لعجزت جميع اعتباراتي عن دفعي إلى المضيّ قدمًا. فقد اولاني حينذاك الشجاعة للانتصار على ذاتي، فتمكنت من تحقيق خطتي».

2- من دخول الدير إلى الإرتداد
كانت تريزا تسعى باعتناقها الحياة الرهبانية نحو الله السعي الحثيث. فالطفلة التي ارادت أن تدفع حياتها ثمنًا لنعيم لا يزول ما زالت تحيا في مراحلها. وما دخولها الدير إلاَّ زواج عقل اجهدت فيه نفسها فكافأها الله وحوّله إلى قران حبّ روحيّ.

أ‌) صراع مع الحياة
لقد تجلّت مكافأة الله لتريزا بأنها عاشت مرحلة الإبتداء وأبرزت نذورها بفرح عميق داخلي وحرارة ملموسة وطمأنينة سعيدة. كتبت في مسيرة حياتها: «وحينما تردني تلك الذكريات لا يبقى ثمة عائق، مهما كان عظمًا، لا أشعر معه بالقدرة على مجابهته. لقد علمتني الخبرة أننا كلما عكفنا منذ البداية على العمل لله وحده، فإن الله يريد أن نشعر بالهلع قبل البدء بالعمل ليزيد استحقاقاتنا. وبمقدار ما يكون الهلع كبيرًا، بمقدار ذلك أيضًا، لدى التغلب عليه، تكون المكافأة وافرة وتولي المزيد من الفرح؛ ومنذ هذه الحياة، يتلطف جلاله، ويكافىء هذه الشجاعة بافضال لا يعرفها إلاَّ الذين ذاقوها. وأكرر أني قد اختبرت ذلك في أمور عديدة جدًا. ولو كنت مخوّلة بإسداء نصيحة، لما نصحت قط بالاصغاء إلى مخاوف الطبيعة».

ولم تمر سنتان على هذه الحالة التي كانت فيها تريزا تتعجب من هذا الينبوع الجديد الذي راح يتدفق في داخلها حتى انتابها مرض خبيث غريب عجيب. فالاطباء قطعوا الأمل من شفائها، والراهبات أعددّن القبر لمواراة جسدها الثري. وحده والدها، ورغم أن ابنته امضت أيامًا غائبة عن الوعي، كان ينتظر عودتها إلى الصحة والعافية.

مرّة أخرى تصارع تريزا الحياة؛ تختبر مداها، وتتعلم أن الروح قوية اذا كان الجسد ضعيفًا. وإذ تمر من جديد على بدْرو، قريبها المتصوّف، وهي في طريقها إلى الاستشفاء، تتعلم من قراءة كتاب الأبجديّة الروحيّة الثالثة ، الصلاة العقلية وتحاول تطبيقها مجتهدة أن تحيا في حضرة الله دومًا وأبدًا. وكانت الصلاة قوتها الوحيدة طيلة السنين الثلاث التي قضتها كسيحة تعاني الآلام المبرحة. وبينما والدها يمانع في نقلها إلى القبر، فتحت عينيها وأحسّت بتحسّن ملموس وطلبت عودتها إلى الدير وكلها ثقة بالقديس يوسف وشكر له. ومع رجوعها إلى الدير، عادت الحياة تدبّ في جسدها فرأى الجميع في الأمر آية بيّنة.

ب) بين العالم والله
كانت تريزا التي راح الشرفاء والشريفات يتوافدون لمشاهدتها، حريصة على العودة سريعًا إلى العزلة لتقوم بصلاتها الصامتة وبدت خجلة، بادئ ذيّ بدء، من أنها تسترعي هذا الإنتباه كلّه.

تريزا الآن في السادسة والعشرين من عمرها، جمالها ما زال جذّابًا، وسداد رأيها وانفتاح فكرها ووسع قلبها، كلّ ما فيها يُسحر الزائرين. صحيح أن الآلام الشديدة التي تحمّلتها والصلوات المتواصلة التي رفعتها والقراءات الطويلة التي تأملت بها، خلقت فيها توحيدًا داخليًا. وصحيح أيضًا أن هذا كان ما زال هشًّا. لذا راحت تريزا تَخرُج من الدير مرارًا، وتمضي في قاعات الإستقبال أوقاتًا طويلة. وتركت الصلاة وابتسمت مجددًا للحياة وعادت إليها أحلام الطفولة والصبى. وانقسمت تريزا من جديد على ذاتها بين الله والعالم وتضاعف الخطر في أن تصبح حياتها الرهبانيّة عاديّة، في بيئة ديريّة تستوجب، أقلّ ما تستوجب، إصلاحًا جذريًّا.

جـ الإرتداد
«في إحدى الأيام، لدى دخولي إلى المصلّى، رأيت تمثالاً كان قد جيء به للإحتفال بعيد في الدير. وريثما يحين يوم الإحتفال، كانوا قد وضعوه هناك. وكان يمثل المسيح المثخن بالجراح. وكانت العبادة التي يوحي بها من القوّة بحيث أني لدى رؤيته شعرتني منقلبة تمامًا، إذ كان يذكّر بما احتمله الربّ لأجلنا. فاعتراني غمّ شديد لأني فكرت في مدى قلّة تجاوبي مع المحبة التي تفترضها هذه الجروح، حتى خيّل لي أن قلبي أخذ يتمزّق. فانطرحت على قدمي المخلّص وأنا أذرف سيلاً من الدمع، وتوسلّت إليه أن يولين القوّة لكي لا أغيظه فيما بعد».

لقد مثّل هذا المشهد منعطفًا في حياة القدّيسة تريزا. فتبدّلت حياتها تبدّلاً جذريًّا وأخذت تتجنّب قاعات الإستقبال، وتضاعف المثابرة والحرارة في الصلاة الصامتة. لقد بدأت في هذا التحوّل ما اسمته تريزا ذاتها حياة الله فيها.

3- لست أنا أحيا بل الله يحيّا فيّ
منذ وعيها الأول وتريزا تريد الله. فاستجاب الله لرغبتها ولكنّه أخذ الوقت الكافي ليهيِّىء له في داخلها مسكنًا. لقد أرادت أن تملك الله فتملّكها الله. ومنذ ذلك الحين، راحت مسيرتها نحو الكمال تتدافع بشكل يعجز اللسان عن وصفه.

أ‌- طريق الكمال
«من الآن وصاعدًا، هي حياة جديدة تلك التي عشتها حتى الآن، كانت حياتي؛ التي عشتها بعد ذلك (أي بعد الارتداد) … كانت حياة الله فيّ».

هذا القول لتريزا هو غنيّ عن الشرح والتفصيل. إن الله تملّك فعلاً تريزا التي راحت تنتقل من درجة كمال إلى أخرى، بسرعة فائقة. فمن النعم الفائقة الطبيعة في صلاتها العقلية إلى الفرح العميق العسير الوصف، فرح الإتحاد بالله، إلى الخطوبة الروحيّة، إلى القران الروحي، مرورًا بالروئ والانخطافات العديدة، أضحت تريزا الشاهد الحيّ على عمل النعمة في الإنسان. إن تريزا، بعد صراع طويل عسير، قالت للربّ: «انا أمة الربّ، فليكن لي بحسب قولك». فكان جوابه أن صنع فيها المعجزات. والذين يعيشون بقربها ومعها لا يسعهم إلاَّ أن يلاحظوا هذه الخبرة الروحيّة الفائقة الطبيعة، أما هي فكانت كلما كبرت بالنعمة أمام الله تشعر بفقرها وحقارتها وتضع عمل الله في الأمام. فهو يحيا فيها وهي تسعى لأن يحيا الكل فيه وتشجّع الجميع على المضي في الطريق الملوكية والمؤدية إلى الله.

ب‌- على طرقات العالم
وبقدر ما ذابت تريزا بالله، يجعلها الحبّ العارم كالسكَرى، تفانت بالقدر عينه في خدمة الإنسان. هي التي كانت قد قصدت الإبتعاد عن الناس للإختلاء بالله، عادت، بعد أن بدأت تغرق في بحر محبته، إلى العالم، مستعدّة لكل تضحية، غير هيّابة أمام الصعاب، تحترق لتحمل المحبة إلى كلّ اقطاره.

لهذا، بعد أن أصلحت ذاتها، راحت تعمل لإصلاح الكرمليّات والكرمليّين، وصورة العالم المتأجج جاثمة أمام ناظريها, وما ثبطت عزمها الإحتجاجات ولا الصعوبات، لا الموانع ولا الوشايات، لا رجالات الكنيسة ولا رجالات المجتمع. فأسست دير القدّيس يوسف في فجر الرابع والعشرين من آب سنة 1562. وبعده، وحتى مماتها، ما فتئت تجوب اسبانيا طولاً وعرضًا، تبني الأديار وتقوم بكل الأعمال، الحقيرة منها والكبيرة، وتكتب وتصلّي، لأن «العالم هو في نار متأججة ويعمل من جديد على محاكمة المسيح… ولذا ليس لنا وقت للإضاعة في مسائل بوسعها أن تحرم السماء من نفس واحدة… ».

جـ - في طريق العودة إلى الآب
إن الأم المؤسسة المصلحة، في غروب حياتها، قد أضحت منهوكة القوى جسديًا، فتنقلاتها المتعددة وعذاباتها الكثيرة الصامتة والتجارب من أجل خدمة الله والكنيسة، أضنت جسدها واغنت روحها. وبعد أن أسست دير بورغوس عام 1582، همت بالعودة إلى آفيلا، وقد شعرت بنهايتها القريبة. أرادت أن ترى آفيلا والعذاب يعضّها عضًا بسبب الأهل المتصارعين المتقاتلين على الإرث، أو بسبب بعض الراهبات، الثائرات على الأم المؤسسة. فوصلت إلى ألبا ، في 20 أيلول 1582 حيث كان الموت، ماذا أقول، حيث كانت الحياة الأبدية بإنتظارها. وبعد أن تناولت الجسد السرّي في 3 أكتوبر وأمضت ليلة مبرّحة بآلامها، استيقظت على فجر هادئ، غاصت فيه في صلاة صامتة لم تفق منها إلاَّ لترتمي في أحضان الآب ولسان حالها يتهلل فرحًا بدنو ساعة الالتقاء.

خاتمة
إن مسيرة تريزا الروحيّة الداخليّة هي سعي متواصل نحو الله غير أن هذا السعي تعمّق وتبدّل. لقد بدأ يتمركز حول الذات وانتهى بتمركز في الله. في العذاب والفرح، في الصحة والمرض، في العا

لم والدير، سعت تريزا نحو الدائم الباقي، واكتشفت أن الله ليس حيث ما نريده بل هو حيث ما يريدنا. وشعارها الدائم، هذه الكلمات التي وجدت في كتاب صلاتها: لا يقلقنّك شيء،
لا يرهبنّك شيء،
كلّ شيء يزول،
لله لا يتغيّر،
إن الصبر ينتصر على كلّ شيء،
من يمتلك الله لا يعوزه شيء،
الله وحده يكفي.

Saint
Joseph Epoux de la V. Marie

Sainte
Thérèse de Jésus (d’Avila)

Saint
Jean De La Croix

Sainte
Thérèse de l’Enfant Jésus de la Sainte Face

Sainte
Thérèse-Bénédicte de la Croix

Sainte
Marie de Jésus Crucifié

Sainte
Elisabeth de la Trinité

Bienheureuse
Thérèse Marie de la Croix

Saint
Raphael Kalinowski

Bhx. Fr.
Marie-Eugène de L'Enfant Jésus

Autre Saints

les Saints du Carmel

Carmel Kids