Page d'accueil Nos saints
Sainte Thérèse de Jésus (d’Avila)
Sainte Therese De Jesus

عظة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي
قداس يوبيل القديسة تريزا ليسوع الأفيلية - 500 سنة على ولادتها
بكركي، في 28 أذار 2015

"الماء الذي أعطيه أنا، يصيرُ فيه عينَ ماءٍ يتفجّر حياة أبدية" (يو4: 14)
(بكركي28، مارس 2015) البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي

1 - الربّ يسوع على بئر يعقوب عطشانٌ جسديًّا إلى ماء، ولكنّه عطشانٌ روحيًّا ليروي ظمأ المرأة السامرية والسامريّين بمائه الإلهي الذي مَن يشرب منه "يصير فيه عين ماءٍ يتفجّر حياة أبدية" (يو 4: 1). القديسة تريزا ليسوع الأفيلية شربت من هذا الماء الإلهيّ فتفجَّر فيها معينًا روت منه رهبانيتها الكرملية بالإصلاح الرهباني الكبير، وروت بالروحانيّة أبناء الكنيسة وبناتها ومؤسَّساتها، على مدى خمسماية سنة، وما زالت. فكانت كوكبةٌ من القديسين والقديسات الكرمليّين.

2 - يسعدنا أن نحتفل، مع الأسرة الكرملية، بهذه الليتورجيّا الإلهية، إحتفاءً باليوبيل المئوي الخامس لولادة القديسة تريزا الأفيلية في 28 أذار 1515. بعد الإستعداد الروحي له في الأديار، الرجالية والنسائية، لمدة خمس سنوات، من سنة 2009 إلى 2015. فغرفتُم، أيّها الكرمليّون والكرمليّات، الروحانيةَ من كتابات القديسة تريزا، سنة بعد سنة. وكانت الغايةُ من التحضير، على المستوى الشخصيّ والجماعي، تجديدَ الإتّصال بينكم وبين أمّكم القديسة تريزا، قبل أن تكون تنظيمَ احتفالات ليتورجيّة وثقافيّة ومبادراتٍ روحيّة وراعويّة، كما كتب رئيسُكم العام في حينه.

3 - فإنّنا نهنّئكم بهذا اليوبيل وبالثمار الروحيّة التي أُفيضت عليكم، رهبانًا وراهبات وكرمليّين علمانيّين، وعلى الكنيسة. ونُحيّي كلَّ الجماعات في أدياركم ومؤسّساتكم، وبخاصّة في لبنان وسوريا ومصر. ونحمل في صلاتناالراهبات الكرمليات التأمّليّات المحصّنات في كلّ من دير كرمل والدة الإله والوحدة في حريصا، ودير كرمل والدة الإله والقديس يوسف في كفرمسحون، والأديار في الأراضي المقدّسة، ودير كرمل سيِّدة سوريا في حلب ودير العائلة المقدسة في مصر. إنّ الكنيسة في هذا المشرق تتّكل على صلاتكم وشهادة حياتكم، وبالأخصّ على صلاة المتوحّدات وإماتاتِهنّ وتقشّفاتِهنّ في الأديار.

4 – "أعطيني لأشرب" (يو4: 7). بهذا الطلب بدأ الربّ يسوع حواره المُحيي مع السامرية. فهو العطشانُ يلتمس ماءً منها ليشرب، وهي ترفض لأنّ الشريعة والعادات تمنع التخالط بين اليهود والسامريّين. هذا هو "الحرف الذي يقتل". أما يسوع فتخطّى الرفض وتفهّم المرأة، لكنّه عرض عليها بالمقابل "الماء الذي إذا شرب منه أحد لن يعطش ثانية"(يو4: 13). وفي الواقع شربت منه وراحت تخبر أهل السامرة عن هذا "النبي" الذي يعرف كلّ مجرى حياتها المنحرفة، وهي "العطشانة" إلى الماء الإلهي ليغسلها من خطاياها، ويروي عقلها وقلبها. وبفضل شهادتها آمن بالمسيح الكثيرون من أهل السامرة.

هذا هو الحوار الحقيقي مع المسيح على المستوى الرّوحي، وبين الناس على المستوى الإجتماعي. إنّه حوار من دون أفكار مسبقة، ومن دون التمسّك برأيٍ أو رؤية، مع الإستعداد لقبول الرفض والمعاكسة وإيجاد مخرج آخر أفضل. والحوار الحقيقي هو الذي لا يحتاج إلى وساطة ووسيط، بل يحصل بالمواجهة الشخصية واللقاء والإتّصال وجهًا لوجه، ما يدلّ على حرية الإرادة والعقل والقلب. الحوار الحقيقي ينبع من الحبّ في القلب، الذي يرغب في الوصول إلى الحقيقة التي تجمع.

5 - القديسة تريزا دافيلا دخلت في مثل هذا الحوار الشخصي العميق الصافي بينها وبين المسيح، عبر الصلاة والتأمّل النابعَين من قلبٍ يحبّ. وهي القائلة: لا تقوم الصلاة على كثرة التفكير، بل على وفرة الحبّ" (كتاب المنازل 4، 1، 7). "والصلاة نهلٌ من الله وسكبٌ على النفوس" (كتاب الأعمال الكاملة). وتعلّمنا أنَّ الحوار مع المسيح يبدأ بمبادرة منه، وهو يحييه ويوجّهه، كما فعل مع المرأة السامرية، لكنّه ينتظر منا فقط نظرةً إليه (كتاب طريق الكمال، 25، 3). وكأنّنا بهذه النظرة نقول له بدورنا: "أعطني لأشرب" (يو4: 7). في كلّ ظرف صعب أو في أي حيرة وتردّد، إذا نظرنا إلى يسوع، إذا قلنا له "أعطني لأشرب"، وجدناه حاضرًا، لأنّه لهذه الغاية أتى إلى العالم. فهو ليس بعيدًا عن كلّ واحد وواحدة منا. وتقول قديستُنا "أنّه جالسٌ على عرش قلوبنا، وهو عرشٌ كثير الثمن" (كتاب طريق الكمال، 28، 9).

6 - فلنتذكّر تريزا عندما فقدت أمّها وهي في الثالثة عشرة من عمرها، وأحسّت بالضياع، كيف لجأت إلى السيدة العذراء ووقفت أمام تمثالها تصلّي بدموع حارّة، طالبة أن تكون هي أمّها.
ولنتذكّرها عندما مرضت، بعد أن فقدت أعمال التقوى، كيف أنّها رجعت تطالع الكتب الروحية، فنمت في قلبها رغبات قوية في القداسة والتكرّس لله، ودخلت دير التجسّد للراهبات الكرمليات بعمر عشرين سنة. وكان حوارُ المسيح معها لم ينته. وفي الواقع لن ينتهي مع أحد. وتتوالى الظروف من أجل هذه الغاية.

تمرض تريزا من جديد مرضًا خطيرًا، ما اضطرّها للخروج من دير التجسّد للمعالجة. فعادت تتعمّق في الشؤون الروحية، وتعلّمت ممارسة التأمّل الذي أفهمها ما يحدث في داخلها من رغبات وصراعات. فكان مرضها مناسبة لتبدأ مسيرة ارتداد روحي سيقودها إلى قمّة الاختبار الصوفي.

وفي مرحلة ثالثة حاسمة، بعد عشر سنوات متأرجحة بين الحرارة والفتور حدث التحوّل الجذري في حياتها، عندما وقفت بكلّ وجدانها أمام تمثال المسيح المصلوب المثخن جراحًا، وهي بعمر تسعٍ وثلاثين سنة. حصلت يومها من المسيح على نعمة الأمانة الكاملة له، وقرارِ عدم الإساءة إليه أبدًا. عاشت تريزا في تلك المرحلة غمرةً من الاختبارات الروحية السّرية والصوفية، جعلتها تشعر أنَّ الله يقود حياتها حقًّا ويجدّدُها، وأنّه حاضر في حياتها بشكلٍ لا يقبل الشّك.

7 – "الماء الذي أعطيه إيّاه يصير فيه عين ماء يتفجّر حياة أبدية" (يو4: 14)
هذا الماء هو روح المسيح لحياتنا الأبدية، الروح القدس الذي يروي طبيعتنا البشرية الضعيفة (فم الذهب وكيرلّس الإسكندري). ماء المسيح هو الإنجيل، قدرةُ الله الفاعلة، في الإنسان والتاريخ والذي فيه كلامُ الحياة يغذّي العقول والقلوب، ويحرّر الإرادات، وينقّي الضمائر. وهو الكلمة الذي صار جسدًا وذبيحةَ فداء ووليمةً إلهيةً للنفوس.

المرأة السامرية ارتوت من هذا الماء فتفجّر فيها معين ماء. "تركت جرّتها عند البئر"، ومضت إلى المدينة تحمل نعمةً لا ماء. تلك التي أتت إلى البئر خاطئة، عادت إلى المدينة مبشّرة. تركت جرّتها ومضت حاملةً ملءَ المسيح. عادت إلى المدينة من غير ماء، لكنّها عادت بنبع الخلاص. في الواقع عندما نادت المرأةُ أهل السامرة: "هلمّوا انظروا رجلًا قال لي كلّ ما فعلت! فلعلّه المسيح! خرجوا من المدينة وأقبلوا إليه... فآمن به عددٌ كبيرٌ جدًّا من السامريّين... وطلبوا إليه أن يقيم معهم. فأقام هناك يومَين"(يو 4: 29 و39و40-41). هكذا كسرَ يسوع الحاجز الذي كان قد أقيم بين اليهود والسامريين، والذي كان في الأساس سبَبَ رفضِ المرأة إعطاءَ يسوع ليشرب. وهو يدعونا لنكسر بدورنا كلَّ الحواجز العائليّة والاجتماعيّة والسياسيّة التي نقيمها نحن، أو نرثها من غيرنا، لكي نكون مسيحيّين حقًّا. المسيحي يكسر الحواجز، المسيحي يبني الجسور.

8 - والقديسة تريزا دافيلا عندما شربت من ماء المسيح، تفجّر فيها معين ماء ارتوى منه الكثيرون. فحملت راية الإصلاح الكرملي سنة 1562، واشتهرت بأنّها "معلّمةُ الصلاة والتأمّل، وأمُّ الروحانيّين"، وأصبحت المؤسِّسة للأديار، والمُلهِمة لنوعٍ جديد من الحياة الرهبانية، رجالًا ونساءً، والكاتبة الكبيرة، حتى أعلنها الطوباوي البابا بولس السادس "معلّمة الكنيسة"، سنة 1970.

أجل لقد روت منذ خمسماية سنة وما زالت تروي الأجيال الرهبانية والمسيحية بكتاباتها الصوفية كتبًا روحانية رفيعة للغاية، ضمّنتها اختباراتها الروحية العميقة مع المسيح، وتقاريرَ ورسائلَ وأشعارًا، نُقلت كلُّها إلى اللغة العربية ونُشرت في مُجلّد واحد بعنوان "القديسة تريزا الأفيلية: الأعمال الكاملة" بفضل الرهبان الكرمليّين في لبنان، مشكورين.

9 - هذه كلّها مدرسةُ القديسة تريزا دافيلا، "معلّمةِ الكنيسة" و"ابنةِ الكنيسة". وهذا هو مَعينُ الماء الحيالذي جرى من عمق قلبها وفكرها، بفضل ارتوائها من كلام الله، وتناولِها جسد المسيح ودمه، وامتلائها من الروح القدس، وانخطافِها الروحي في الصلاة والتأمّل، واختباراتها الصوفية السامية.

إنّنا ننظر إليها كمرآة تعكس وجهَ النفوسِ النقيةِ والمنقّاةِ بنور وجه المسيح، لكي نحن بدورنا، نسلك الطريق الملوكي الذي شقّته لنا ومشته قبلنا، لمجد وتسبيح الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.

28 مارس 2015 ©

Saint
Joseph Epoux de la V. Marie

Sainte
Thérèse de Jésus (d’Avila)

Saint
Jean De La Croix

Sainte
Thérèse de l’Enfant Jésus de la Sainte Face

Sainte
Thérèse-Bénédicte de la Croix

Sainte
Marie de Jésus Crucifié

Sainte
Elisabeth de la Trinité

Bienheureuse
Thérèse Marie de la Croix

Saint
Raphael Kalinowski

Bhx. Fr.
Marie-Eugène de L'Enfant Jésus

Autre Saints

les Saints du Carmel

Carmel Kids