Page d'accueil Nos saints
Sainte Thérèse de Jésus (d’Avila)
Vocation

الرَّحمة الإلهيَّة وتريزا ليسوع – 1 –
(ضمن سِلسِلة محاضرات أُلقِيَت خلال رياضة سنويَّة لِرُهبان الكرمَل)
الأب جان عبدو الكرمَلي


الرّحمة الالهيّة:
أصول كلمة الرّحمة
ما هي الرّحمة الالهيّة؟
ما الفرق بين الرّحمة والنّعمة؟
كونوا رحماء
.... ركائز الرّحمة
الرّحمة دعامة الكنيسة
الرّحمة ليست
.... الرّحمة الالهيّة في تعريف البابا فرنسيس
ما هي أعمال الرّحمة؟
إنجيل الرّحمة: انجيل لوقا
صلاة الرّحمة

أصول كلمة «الرّحمة»
في العربية:
كلمة الرّحمة تعود الى الجذر نفسه "الرحم" أي حشا الام الذي تستقبل الجنين فيه فيلتصق بها. هكذا يستقبلنا الله نحن أولاده، ويضمّنا اليه بمحبته. «كونوا رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكُم رَحيم» (لوقا 6-36).
في العبريّة:
rah'amim تعني أيضا صدر أو حشا الوالدة، وقد وردت في العهد القديم دلالة على أحشاء الله وحبّه لشعبه كحبّ الأمّ لأولادها. «أيكون أفرائيمُ ابنًا لي عَزيزًا وَلَدًا أتنعَّمُ به؟ فإنّي كُلّما تحدّثتُ عنه لا أنفكُّ أذكرُه فلذلك اهتزّت له أحشائي. سأرحَمُه رحمةً، يقول الرَّبّ» (إرميا 31 - 20).
في الفرنسية:
Miséricorde من الأصل اللاتيني Misericordia مؤلفة من كلمتين وتعني: Misereo (avoir pitié) Cordia (Coeur). «فهكذا يفعلُ بكم أبي السّماوي، إن لم يَغفِر كُلُّ واحدٍ منكم لأخيهِ من صميم قلبِه» (متى 18 - 35).
ما هي الرّحمة الالهيّة؟
أعطى القدّيس أوغسطينوس للرّحمة هدفًا ومن خلاله عرّف عنها: «لقد جاء المسيح كي يَعرِف الإنسان كم يُحبّه الله ويعرف ليتّقد بِمحبّة تجاه مَن أحبَّهُ أوّلاً» (القديس اوغسطينوس في رسالته إلى ديوغراسياس) اذًا، رحمة الله هي قلب الكتاب المقدّس وجوهر كل التّعليم المسيحي. ويُكمل القدّيس أوغسطينوس في رسالتِهِ تَفسيرَه للرّحمة: «... ما هو السبب الأعظم لمجيء الربّ إن لم يكُن لإظهار محبّة الله لنا، حتّى يوصينا بِها لأقصى حدّ؟ فإنّنا «حين كُنّا بعدُ خَطَأة، ماتَ المسيحُ من أجلِنا» (الرسالة إلى أهل رومة 5، 8 - 9). ولِهذا فغايةُ هذه الوصيّة (1 طيموتاوس 1، 5 )، وكمالُ الشريعة هما المحبّة (رومة 13، 10)، وفي أن نُحبَّ بعضُنا بعضًا نحن أيضًا (يوحنّا 13، 34؛ رسالة يوحنّا الأولى 4، 11). وكما أنَّ المسيح بذلَ نفسهُ في سبيلنا، فعلينا نحنُ أيضًا أن نبذل أنفسنا في سبيل إخوتنا (رسالة يوحنّا الأولى 3، 16)؛ وإذا ما كان هناك سابقًا إحجامٌ في حبّنا له، فلا ينبغي الآن أن نشعر بِذلك في محبّة الله الذي أحبَّنا أوّلاً، ولم يدخِّر ابنَه الوحيد، بل وهبه لنا جميعًا (رسالة يوحنّا الأولى 4، 10 -19، الرسالة إلى أهل رومة 8، 32). ليست هناك في الواقع دعوةٌ أكثر فعاليّة إلى المحبّة من أن نُحَبَّ نحن أوّلا...»

الرّحمة من صفات الله:
الرّحمة هي صفة من صفات الله كما هو مكتوبٌ عنهُ في كلِّ الكتاب المقدّس: "الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرّحمة. لا يحاكم إلى الأبد ولا يحقد إلى الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا. لأنه مثل ارتفاع السماوات فوق الأرض قوية رحمته على خائفيه. كبعد المشرق عن المغرب أبعد عنّا معاصينا. كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه" (مز103: 8-13).
"الرب الرب إله رحيم ورؤوف، بطئ الغضب وكثير الإحسان والوفاء" (خر34: 6).
"وأنت أيها الرب الإله، أنت رؤوف ورحيم. أنت طويل الروح وكثير الرّحمة وصادق. انظر إلىّ وارحمني. أعط عزّة لعبدك، وخلِّص ابن أمتك" (مز85: 15، 16).
"لأن الرب إلهك إله رحيم لا يتركك ولا يهملك ولا ينسى عهد أبائك الذي أقسم لهم عليه" (تث 4: 31).

الرّحمة... حقٌ وعدلٌ
والرّحمة عند الله لا تتعارضُ مع عدلِهِ وحقِهِ، لأنّ الله رحيمٌ في عدلهِ وعادلٌ في رحمتِهِ. فصفات الله كلُّ لا يتجزأ، "جلال وبهاء عمله، وعدله دائم إلى أبد الأبد. ذكر جميع عجائبه. رحيم هو الرب ورؤوف" (مز110: 3، 4).
"لأنَّ خلاصه قريب من جميع خائفيه. ليسكن المجد في أرضنا. الرّحمة والحق تلاقيا. والعدل والسلام تلاثما. الحق من الأرض أشرق، والعدل من السماء تطلع" (مز84: 9-11).
"لا تدع الرّحمة والحق يتركانك. تقلدهما على عنقك. أكتبهما على لوح قلبك فتجد نعمة وفطنة صالحة في أعين الله والناس" (أمثال 3: 3، 4).

يقولُ البابا فرنسيس في مرسوم الدعوة إلى يوبيلِ الرّحمة:
«...الرّحمة والعدالة فهما ليستا بناحيتين متعارضتين مع بعضهما البعض، بل هما بُعدان لواقع واحد ينمو تدريجيًا حتى يبلغ ذروته في كمال المحبة. إن العدالة مفهوم جوهري للمجتمع المدني، حينما، وبشكل عام، تتم الإشارة إلى نظام قانونيّ يُطبَّق القانون من خلاله. وفي الكتاب المقدس، تتم الإشارة مرات كثيرة للعدالة الالهيّة وإلى الله كديّان. ويُقصد هنا عادة بالحفظ الكامل للشريعة والتصرّف ككل إسرائيلي صالح بحسب الوصايا المُعطاة من الله... من جهته، يتكلّم يسوع مرات كثيرة عن أهمية الإيمان بدلا من التقيّد بالشريعة. وبهذا المعنى، ينبغي علينا أن نفهم كلماته حينما، وإذ كان جالسًا إلى المائدة مع متّى وباقي العشارين والخاطئين، قال للفريسيين الذين كانوا يعارضونه: "فهلاَّ تتعلّمونَ معنى هذه الآية: "إنما أُريدُ الرّحمة لا الذَّبيحة"، فإنِّي ما جِئتُ لأدعُوَ الأبرارَ بلِ الخاطئين" (متى 9، 13).
العدالة بالنسبة إلى علاقةِ الإنسانِ بالله، هي مرادف البرِّ أمامَ الله، فتقومُ على العملِ التامّ بوصايا الله. لكنَّ هذه الرؤية قد وقعت مرارًا في الشرعويّة التي تتمسّك بحرف الشريعةِ، وتنسى جوهرَ علاقةَ الإنسانِ بأخيه الإنسان. وبذلك حرَّفَت المعنى العميق للعدالة. لذلك يقول يسوع: «إن لم يزدْ برّكم على برّ الكتبة والفرّيسيّين فلن تدخلوا ملكوتَ السماوات» (متى 5: 20). ويشدّد على قولِ الله: «أريد رحمة لا ذبيحة» (متى 12: 7).

الرّحمة تتجاوز العدالة:
ففيما العدالة تُعطي كلّ إنسان ما يحقُّ له بحسب مبدأ المساواة بين العملِ والمكافأةِ، تتخطّى الرّحمة هذه المساواة وتُعطي الإنسانَ أكثرَ ممّا يحقُّ لهُ. وأفصحُ برهانٍ على ذلك مثلُ عمّالِ الساعةِ الأولى والساعةِ الحاديةَ عشرةَ. فجميعُهم أخذوا دينارًا، على الرغمِ من أنّ عمّالَ الساعةِ الحاديةَ عشرةَ لم يعملوا إلا ساعةً واحدةً فيما عمّالُ الساعةِ الأولى تحمّلوا تعبَ النهارِ كلّه.

ما هو الفرقُ بينَ الرّحمة والنّعمةِ؟
الرّحمة هي ألا يعاقبُنا الله بحسبِ إستحقاقِ خطايانا: الرّحمة هي الخلاصُ من الدينونةِ. النّعمةُ هي أن يُباركَنا الله بغض النظرِ عن حقيقةِ كوننا غيرَ مستحقين النّعمةُ هي تقديمُ الخيرِ لمن لا يستحقُه نحنُ لا نستحق أيَّ شيءٍ من الله. فالله غيرُ مديونٍ لنا بأيِّ شيءٍ. إن أيَّ صلاحٍ نختبرُهُ هو نتيجةُ نعمة الله (أفسس 2: 5). النّعمةُ هي اذا ببساطة رضىً غيرُ مبررٍ. الله يمنحُنا أشياءَ صالحةً لا نستحقُها ولا يمكنُ أن نحصَلَ عليها بمَجهوداتِنا. بعد أن نخلُصَ من الدينونة برحمة الله، فإن النّعمةَ هي أيُّ شيء وكلُّ شيء ننالُه قبلَ ذلك (روم 3: 24). «ذلكَ بأنَّ جميعَ النّاسِ قد خطئوا فحُرموا مَجدَ الله، ولكنّهم بُرِّروا مجّانًا بِنعمتِه، بحُكمِ الفِداءِ الذي تمَّ في المسيح يسوع» (روم 3، 23).
يمكنُ توضيح النّعمةِ والرّحمة بأفضلِ صورةٍ في الخلاصِ المُتاحِ من خلال يسوعَ المسيح. نحنُ نستحقُ الدينونةَ، ولكن إذا قبلنا المسيحَ مخلصاً فإننا ننالُ رحمةً منَ الله ونخلُصُ منَ الدينونةِ. وبدلا منَ الدينونةِ، ننالُ بالنّعمةِ الخلاصَ، وغفران الخطايا، والحياةَ الأفضل. «السَّارقُ لا يأتي إلاّ ليَسرِقَ ويَذبَحَ ويُهلٍكَ. أمّا أنا فقَد أتيتُ لِتكونَ الحياةُ لِلنّاس وتفيضَ فيهم» (يوحنا 10،10).

كونوا رحماء...
يعطينا الكتابُ المقدّسُ نصيحةً ثمينةً: "قد أخبرك أيها الإنسان ما هو صالح. وماذا يطلبه منك الرب إلا أن تصنع الحق وتحب الرّحمة وتسلك متواضعًا مع إلهك" (ميخا 6: 8).
فكما أن الرّحمة هي صفةٌ من صفاتِ الله، ينبغي أيضًا أن يتَّصِفَ بها أولادُهُ كما قالَ السيدُ المسيح: "فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضًا رحيم" (لو6: 36).

الرّحمة تنبعُ من القلب
الرّحمة تقترنُ بالعطفِ والحنانِ والرأفةِ وطولِ الروح، وتدلُ على المحبةِ وطيبةِ القلب. ونحن في صلواتِنا الكنسيّةِ نطلبُ الرّحمة باستمرارٍ قائلين: [يا رب ارحم أو كيرياليسون]
الرّحمة تطردُ القساوةَ من القلبِ، وتجعلُ الإنسانَ مستحقًا لمراحمِ الرّبِ الكثيرةِ والفائقة.

ركائزُ الرّحمة:
- الطيبة (La bonté):
إنها ليست مجردَ لطفٍ أو تسامحٍ، إنما هي النظرُ نحوَ الآخرِ بكلّ إيجابيةٍ واحترامٍ. فهي أن أنظرَ إلى الآخرِ، بما في ذلكَ الذي يضطهدُني، ويُتعبُني، ويُزعجُني، أو يُغضبُني، بالطريقة نفسها التي ينظرُ بها الله إليه. إنها الموقف الذي سيكون بمثابة المسمار الأخير الذي يُدق في نعشِ الأحكام المسبقة أو القطعية. فالانسانُ ميّالٌ لأن يَنغشَّ بالمظاهرِ ولكنَّ الله وحدَهُ هو «فَاحِصُ الْقَلْبِ مُخْتَبِرُ الْكُلَى» (ارميا 17: 10).
- الشفقة (La compassion):
نحو المرضى والمحتاجينَ والفقراءَ والمهمشينَ ... باختصارٍ، نحو كلِّ أولئكَ الّذينَ، من قريبٍ أو بعيدٍ، يحتاجونَ الى قلبٍ يتضامنُ ويشعرُ معَهُم.
- الصفح (Le pardon):
هو ليس التساهلُ واللينُ ولا حتى النسيانُ فقط. إنما الصفحُ أوالمغفرةُ. هو إتخاذ القرارِ بعدمِ النظرِ الى الأضرارِ، أو الآلامِ الجسديّةِ والنفسيّةِ التي لَحقت بي. فإن فعلَ الغفرانِ هو من أفعال الارادةِ وليس شعورًا.
- المصالحة (La reconciliation):
كلُّنا خطأةٌ. وهذهِ الحقيقةُ تخلقُ عندنا مواقفَ مختلفةً جدًا:
هناك أولئكَ الّذين يستسلمونَ ولا يتقدّمونَ من سرِّ الاعترافِ ابدًا.
هناك أولئكَ الذين يدّعونَ الحصولَ على الغفرانِ مباشرةً من خلالِ الصلاةِ إلى الربّ.
سرّ الاعترافِ هو موضعُ الحقيقةِ، الواقعيةِ والحرية. انه مكان التّحررِ من الكلماتِ والأفكارِ والأعمالِ التي دمّرت علاقةَ الحبِّ مع الله.

الرّحمة دعامةُ الكنيسة:
الرّحمة هي أيضًا الركيزةُ التي تدعمُ حياةَ الكنيسةِ، وخاصةً بما يختصُ بسرِّ الغفران. ففي وصفِهِ للنشاطِ الرعويِّ، يقولُ البابا فرنسيس:
«Tout devrait être enveloppé de la tendresse par laquelle on s’adresse aux croyants»
كلُّ نشاطٍ رعويٍّ ينبغي أن يُلفَّ بالحنانِ الذي تتوجه به الكنيسةُ إلى المؤمنين. فالحبرُ الأعظمُ يُشدّدُ مرارًا على أنَّ مصداقيةَ الكنيسةِ تمرُّ عبرَ طريقِ المحبّةِ الرّحومةِ والرّؤوفةِ، إذ أننا في بعضِ «الأحيانِ نكون قد نسينا ولوقتٍ طويلٍ أن ندُلَ على دربِ الرّحمة ونَعيشَها».

الرّحمة ليست ...
- حقًا حصريًّا للمسيحيِّين:
ففي التقليدِ اليهوديِّ، تتغنّى المزاميرُ برحمة الله. و «الرّحمن» هو أيضًا أحدُ أسماءِ الله لدى المسلمين.
- مصطلحًا قديمًا:
وغالبًا ما يُفضلُ اليومَ استعمالُ مصطلحِ الشفقةِ (compassion) أو الإحسانِ. ولكنَّ البابا، القدّيس يوحنا بولس الثاني، أعادَ لمصطلحِ «الرّحمة» » حقَهُ ولسرِّها أهميتَهُ، وذلك بثبيتِ عيدِ الرّحمة الالهيّة. واليوم، كرّسَ البابا فرنسيس كلَّ هذه السنة، لتكون سنة «الرّحمة» .
- مرتبطةً فقط بمبدأ الخطيئة:
إذ أنّ سرَّ الرّحمة قد ورد في التّعليم المسيحيّ للكنيسةِ الكاثوليكيةِ في المادة المخصصة للخطيئة دون سواها. ومع ذلك، فإنهُ يَظهرُ أيضًا في فصل الأسرارِ المقدّسة للشفاءِ، والصلاةِ الربيّةِ، وفي الأجزاءِ المكرّسةِ لمريمَ العذراءِ "أمِّ الرّحمة" وفي أعمالِ الرّحمة.
- مفهومًا ضعيفًا:
الرّحمة ليست علامةَ ضعفٍ، يقولُ البابا في مرسوم الدعوةِ إلى اليوبيلِ الاستثنائي «يوبيلِ الرّحمة». ويرتكزُ هنا على القديسِ توما الأكويني قولَه في الخلاصة اللاهوتية، «إن استعمال الرّحمة هو من ميزات الله وبهذا الأمرِ تظهرُ قدرتُهُ بشكلٍ خاص».
«La miséricorde est le propre de Dieu dont la toute-puissance consiste justement à faire miséricorde»

الرّحمة الالهيّة في تعريف البابا فرنسيس
عرّفَ البابا فرنسيس الرّحمة الالهيّة في مرسوم الدعوةِ إلى اليوبيلِ الاستثنائي «يوبيل الرّحمة» قائلا: الرّحمة
- هي كلمة تُظهرُ سرَّ الثالوثِ الأقدس.
- هي العملُ النهائيُ والأسمى الذي من خلالِه يأتي اللهُ إلى لقائنا.
- هي الشريعةُ الأساسيةُ التي تقيمُ في قلبِ كلِّ شخصٍ عندما ينظرُ بعينينِ صادقتينِ إلى الأخِ الذي يلتقيهِ في مسيرةِ الحياة.
- هي الدربُ الذي يوحِّدُ الله بالإنسانِ، لأنها تفتحُ القلبَ على الرّجاءِ كوننا محبوبينَ إلى الأبدِ بالرغم من محدوديّة خطيئتنا.
- هي شرطٌ لخلاصِنا.

يسوع المسيح هو وجه رحمة الله الآب
والملفتُ في وثيقةِ سنةِ الرّحمة أنّهُ، ومن خلالِ هذه العبارة، وضحَّ الحبرُ الأعظمُ بالقول أنّ الرّحمة ليست كلمة مجرّدة: «يسوع المسيح هو وجه رحمة الآب. يبدو أن سرّ الإيمان المسيحي قد وجد ملخّصه في هذه الكلمة. لقد أصبحت حيّةً ومرئيّة وبلغت ذروتها في يسوع الناصريّ». بل إن للرّحمة وجهًا حقيقيًّا نكتشفُهُ ونتعرّفُ إليهِ ونتأملُهُ ونخدمُهُ وهو يسوع المسيح.

شعارُ يوبيل الرّحمة
صمّمَ هذا الشعارَ اللاهوتيّ اليسوعيُّ والفنانُ ماركو أيفان روبنيك. وفي الشعارِ معانٍ عدّةٌ، أذكرُ بعضَها:
المسيح هو ابن الله الذي يحملُ الانسانَ الضّائعَ على اكتافِه.
المسيحُ هو الراعي الصالحُ الذي يبحثُ عن الانسانِ، ويجدُه، ويلمُس بشريتَنا بعمقِ محبتهِ ويُحيينا بغفرانِه.
يظهرُ المسيحُ كالراعي الصالحِ الذي يحمِلُ الانسانَ برفقٍ وحنوٍ كبيرين. فنراهُ يستندُ بقدميهِ على لوحٍ أسودَ. وتظهرُ على رجليهِ ويديهِ أثارُ المساميرِ والآلامِ، ولكنّها ممجدة. بصليبِ المسيحِ نِلنا الفداءَ وكشف اللهُ لنا محبّتَهُ ورحمتَهُ وغفرانَهُ.
المسيحُ بمحبتِهِ ورحمتِهِ وغفرانِهِ اللامحدود ينظرُ بعينِ الانسانِ؛ والانسانُ ينظرُ بعينِ المسيح. فبالفداءِ والتجسُّدِ توحّدت عينُ المسيح بعينُ الانسانِ. رؤيةٌ واحدةٌ للذاتِ وللآخرِ والعالمِ. رؤيةٌ ملؤها الحبّ والرّحمة والحنان. فهنا يكتشفُ الانسانُ ذاتَه مُتجدّدا في المسيحِ وينظرُ بثقةٍ الى المستقبلِ الذي ينتظرُه.
اللونُ الذهبيُّ أو الأصفرُ هو لونُ المجدِ. مجدُ المسيح والذي صارَ الانسانً فيهِ شريكًا. «كونوا رُحَماءَ كما أَنَّ أَباكُم رَحيم» (لوقا 6-36).

ما هي أعمال الرّحمة؟
من أعمالِ الرّحمة الجسديّة:
نُطعمُ الجائعَ
نُسقي العطشانَ
نُلبسُ العاريَ
نستقبلُ الغريبَ
نعتني بالمريضِ
نزورُ المسجونَ
ندفنُ الميتَ. الخ...
«تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم لأني جعت فأطعمتموني. عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني عريانا فكسوتموني. مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إلي... الحق أقول لكم: بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي فعلتم» (متى 25: 35-40).

من أعمالِ الرّحمة الروحيّةِ:
- ننصحُ الشاكّ
- نُعلّمُ الجاهلَ
- نُحذّرُ الخاطئَ
- نُعزي المحزونَ
- نغفرُ الإساءةَ
- نتحمّلُ الشخصَ المزعِجَ بصبرٍ
- نُصلي إلى اللهِ من أجلِ الأحياءَ والأموات. الخ...
«في نهاية حياتك سوف تحاسب في الحبّ» (القدّيس يوحنا الصليب كلمات نور ومحبة عدد 57).

إنجيل الرّحمة
« … Jésus fait de la miséricorde un des principaux thèmes de sa prédication. L'évangéliste qui traite particulièrement ces thèmes dans l'enseignement du Christ est saint Luc, dont l'Evangile a mérité d'être appelé «l'Evangile de la miséricorde»… »
Jean-Paul II dans l’encyclique Dives in misericordia du 30 novembre 1980

إنجيل لوقا: إنجيلَ رحمةٍ
حين نقرأ إنجيلَ لوقا قراءةً متواصلةً، نكتشفُ فيهِ شخصَ يسوعَ المخلّص الرّحوم:
الذي يُعامل «الصغارَ» بالرّحمة والحنانِ.
الذي لا ينسى الخطأة وقد نبذَهُم الناسُ «الأبرار»، ولا الوثنيّين الذين اعتبرَهُم اليهودُ نجسين.
الذي لا ينسى المرأةَ، ومنزلتَها المعروفَة في محيطٍ لا يعطيها حقها.

"فكونوا رحماءَ كما أن أباكُم أيضًا رحيم" (لو6: 36).

أ - كونوا رحماء
كونوا رحماء ← أي تعاملوا بالرّحمة.
فكيف نمارسُ الرّحمة بحسبِ القدّيس لوقا؟
نبدأ بالإحسانِ إلى من يُحبنا وإلى من يُبغضَنا (مثل السامري واليهودي).
ومع الإحسانِ يأتي العطاءُ ودونَ مقابل.
يجب أن لا ندين اخوتنا (مثل الفريسي والعشار).
نغفرُ للآخرَ وإن أخطأ سبعَ مراتٍ، وعادَ تائبًا نغفرُ لهُ (لوقا 3 : 4-17).
أن ننظرَ إلى نفوسِنا وما فيها من خطأ كي نُصلحَه.

ب – كما أنّ اباكم رحيم
حين نمارسُ الرّحمة، لا نتطلّع إلى مثال بشريّ، بل إلى اللّه نفسه. يجب أن نرحمَ كما يرحمُ الآب فالله هو الآبُ الذي أعطى ابنَهُ مرّةً أولى، ولما جاءَ تائبًا أعطاهُ مرّةً ثانيةً، وما حاسبَهُ عمّا أعطاهُ في السابق. وهو مستعدّ أن يعطيَهُ مرّةً ثالثةً ورابعةً وسابعةً.
والله الآبُ هو الذي غفرَ لهُ قبلَ أن يَطلُبَ المغفرةَ، وقبلَ أن يقولَ فِعلَ اعترافِهِ: «خطئت إلى السماء وإليك».
والله الآبُ هو الذي لم يقبلْ أن يقولَ ابنُهُ لهُ: «لا استحق بعدُ أن أدعى لك ابنًا» ، قاطَعَهُ قائلاً: «أسرعوا فأتوا بأفخر حلّة وألبسوه، واجعلوا في إصبعه خاتما وفي رجليه حذاء...».

إنجيل الرّحمة
يا ربنا يسوع المسيح، أنتَ من علّمتنَا أن نكونَ رحماءَ مثلَ الآبِ السماوي، وقلتَ لنا بأنّ من رآكَ، رأى الآب. اكْشِف لنا عن وجهِك وسنخلُص. إنّ نظرتَكَ المفعمةَ بالمحبةِ حرّرت زكا ومتى من عبادةِ المالِ، والمرأةَ الزانيةَ ومريمَ المجدليّة من البحثِ عن السعادةِ من خلالِ المخلوقاتِ الوحيدةِ؛ أنتَ جعلتَ بطرسَ يبكي نكرانَه لكَ، ووعدتَ اللصَ التائبَ بالفردوسِ. ساعد كلَ واحدٍ منا لكي يُصغِيَ الى هذه العبارةِ التي قلتَها للسامرية وكأنك توجِّهُها إلينا «لو كنتِ تعلمين عطيّة الله!» أنتَ الوجهُ الجليُّ للآبُ المحجوبُ، لله الذي أظهرَ كل قدرتِهِ من خلالِ الغفرانِ والرّحمة. ساعد الكنيسةَ لكي تكون وجهَكَ الجليّ في العالمِ، أنتَ ربُّها القائمُ الممجّد. أردت أن يلبِسَ خدّامَك الضعف لكي يبدو رحمةً حقيقيةً تُجاهَ كل من هم في الجهلِ والخطيئة. إجعل كلَّ شخصٍ يلتقيهم أن يشعُرَ بأنه مُنتظرٌ ومحبوبٌ ومسامَحٌ من الله. أرسل روحَكَ وكرّسنا بمسحتِهِ حتى يكونَ يوبيلُ الرّحمة سنةَ نعمةٍ من عندِ الربِّ، وبحماسٍ متجددٍ، أن تعلِنَ كنيستُكَ للفقراءِ البشرى السارةَ وللأسرى والمضطهدين الحريةَ، والعميانَ أن يَروا من جديد. نحنُ نسألك بشفاعةِ مريم، أمِّ الرّحمة، أنتَ الساكنُ والمالكُ مع الآبِ والروحِ القدسِ إلى أبد الآبدين. آمين.

Saint
Joseph Epoux de la V. Marie

Sainte
Thérèse de Jésus (d’Avila)

Saint
Jean De La Croix

Sainte
Thérèse de l’Enfant Jésus de la Sainte Face

Sainte
Thérèse-Bénédicte de la Croix

Sainte
Marie de Jésus Crucifié

Sainte
Elisabeth de la Trinité

Bienheureuse
Thérèse Marie de la Croix

Saint
Raphael Kalinowski

Bhx. Fr.
Marie-Eugène de L'Enfant Jésus

Autre Saints

les Saints du Carmel

Carmel Kids