Page d'accueil Nos saints
Autre Saints

تريزا ليسوع دي لوس أَنْدِسْ، مِثَال للشَّبيبَة
كتابة: الأخت لينا الخوري الكرمَليّة
(من الراهبات الكرمَليَّات للقدّيس يوسف)


رهبانيَّة إخوة الطوباويَّة مريم العذراء، سيّدة جبل الكرمَل، (رهبانيَّة الكرمَل الحُفاة)، هي كرمَة خصيبة بالقدِّيسين والقدِّيسات الَّذين غرفوا من روحانيَّتها الكتابيَّة والتأمليَّة، ليرتَقوا جبل الكرمَل، أَي الاتِّحاد بالمسيح الحبيب، كلّ بحسب مسيرته واختباره الخاص. مَن منَّا، لم يسمَع عن القدِّيسين الكرمَليِّين ملافنة في الكنيسة الجامعة، تريزا ليسوع (الأفيليَّة)، يوحنا للصليب، وتريز الطفل يسوع الوجه الأقدس؟ وغيرهم كثيرون، تريزا بنديكتا للصليب، إليزابيت للثالوث، مريم ليسوع المصلوب... قدّيسون معروفون بسبب تأديتهم رسَالة على الأرض من خلال كتاباتهم، وآخرون غير معروفين، وهم الأكبر عددًا، شهود للمَسِيح من خلال حياتهم وشفاعتهم المستمرة لنا، نحن الَّذين نُجاهد في طريق الحبّ.

يوم 13 تمّوز، تاريخ هامّ للكرمَل والكنيسَة، إِذ يُحتفل فيه بذكرى القدّيسة تريزا ليسوع "دي لوس أَنْدِسْ"، ثمرة رائعَة مِن ثِمَار شجرةِ الكرمَل.

وُلِدَت تريزا في 13 تموز 1900 في سانتياغو/ تشيلي، وتوفيت بعطر القداسة في 12 نيسان عام 1920، حوالي السَّاعة السَّابعة مساءً، ولم يمرّ على دخولها إلى الدير سوى أَحدَ عَشَرَ شهرًا، ولم تبلغ بعد سنّها العشرين. مَن هي هذه الراهبة الشَّابَّة الَّتي استطاعت بلوغ قمَّة جبل الحُبّ في وقتٍ قصير؟ إِنَّها القدِّيسة الكرمَليَّة الحافية، والأَصغَر عمرًا بعد تريز الطفل يسوع الوجه الأقدس (24 سنة)، وإليزابيت للثالوث (26 سنة). الجدير بالذكر أنَّ تريزا ليسوع "دي لوس أَنْدِسْ" هي شفيعَة التشيلي والشبيبة.

نبذة عن حياة القدِّيسة تريزا ليسوع "دي لوس أَنْدِسْ"
وُلِدَت خوانيتا فرنانديز في عائلة مسيحيَّة ميسورة الحال، والدها ميغيل فرنانديز، ووالدتها لوسيا سولار، وهي الأصغر بين إخوتها : لوسيا، ميغيل، لويس، خوانا (توفيت صغيرة)، ربيكا ( الَّتي دخلت إلى الدير بعد وفاة أختها خوانيتا سنة 1920) وإغناسيو. نالت سرّ المعموديَّة المقدَّسَة بعد يومين من ولادتها. كانت تذهب برفقة أمّها إلى القداس وهي بعمر ستّ سنوات. قامت بمناولتها الأولى في 1 أيلول 1910، وصارت تتناول كلّ يوم ثمَّ تجلس برفقة صديقها يسوع، غارقة في الصلاة. اعتادت على تلاوة المسبحة الورديَّة منذ سنّ السابعة، ممَّا جعلهَا تبني علاقة مميَّزة بالسيِّدة العذراء، الَّتي ستكون لها خير أمّ، ومرشدة، وسند في مسيرتها نحو الإِتحاد.

كانت خوانيتا فتاة عاديَّة كسَائر فتيات جيلها. تحبّ ممارسَة الرياضة لا سيَّما السباحة وركوب الخيل. تساعد في البيت، وتعطف على الفقراء. يُذكر عنها، أَنَّها قامت بتبنّي طفلٍ صغير اسمه: خوانيتو، إِذ كانت تحضِّر لهُ الطعام واللِّباس يوميًّا، حتَّى دخولهَا إلى الدير.

قامت بدراسَاتها في ثانويَّة راهبات القلب الأقدس، وقد عاشَت فيهَا كطالبَة داخليَّة لمدَّة ثلاث سنوات (1915 - 1918) مع أختها ريبيكا. كانت خوانيتا ضعيفة الصحَّة، وقد شَارفت على الموت عدَّة مرَّات، خصوصًا في السنوات 1911 - 1914. خلال مرضهَا، قرأت "قصَّة نفس" للقدّيسة تريز الطفل يسوع الوجه الأقدس. سيكون لهذه القدّيسة تأثيرٌ في مسيرتها: "لا أعرف ماذا عليَّ أَن أعطي لكي أبشِّرَ العَالم كلَّه بالاستسلام الأعمى بين يدي الله ... هو القائد وأنا الجندي، سلاحنا الصَّليب وشعارنا الحبّ... إِنَّ دعوتي لسَاميَةٌ جدًّا : أَن أخلِّصَ النفوس، وأجدَ فعلة لكرم المسيح".

في 13 تموز 1915، وهي في سنّ الخامسة عشر، شعَرت خوانيتا بأنَّ المسيح اجتذبها إليه بقوَّة، وَمَلَكَ كليًّا على قلبهَا. شَعَرت بنداءٍ قويّ لدخول الكرمَل الـمُقدَّس، وقامَت بعدَّة زيارات لدير الكرمَليَّات الحافيات "المحصَّنات"، لكن وَجَبَ عليها انتظار أَربع سنوات لتحقِيقِ رغبتهَا الَّتي كانت تتأجَّج يومًا بعد يوم. قالت: "سأصبح كرمَليَّة... لقد استسلمت لهُ... هو وحده يشغل أفكاري. إنَّه مثالٌ لا حدَّ لهُ. إنّي أطمَحُ إلى اليوم الَّذي أذهبُ فيه إلى الكرمَل كي لا أهتمَّ إلَّا بهِ، كي أذوبَ فيهِ ولا أحيَا إلَّا بحياتِه".

هذه الفترة عاشتها في جهادٍ روحيّ وإنسانيّ لترويض طبعهَا الحادّ والتعمُّق في سرِّ المسيح، بحيث كانت تزداد شغفًا وهيامًا به. تعلَّمت من الأمّ القدِّيسة تريزا ليسوع، جمالَ حياة التأمُّل، وتعرَّفت على القدِّيسة إليزابيت للثالوث الَّتي تركت فيها أثرًا بالغًا ودفعتهَا أكثر فأكثر في طريق القداسَة : "أَقرأ إليزابيت للثالوث، إنَّها تعجبني. نفسها مشابهَة لنفسي. وإن كانت قدِّيسة، فأنَا سأقتدي بهَا وأصبح قدِّيسة. أريد أن أعيش مع يسوع في حميميَّة نفسي. أريد أن أحيَا حيَاةَ السَّماء، كمَا قالت إليزابيت، بـأن أكون تسبحة مجد" (مذكَّرات 28 تموز 1917).

سنة 1918، تركت خوانيتا ثانويَّة راهبات القلب الأقدس لتهتمَّ بالبيت بعد زواج أختهَا الكبرى. في 25 آذار 1919، وقد بلغ شوقهَا ليسوع أَوَجهُ، كتبت رسالة لوالدها للسَّماح لهَا بدخول الكرمَل، فلم يستطع الوالد، رغم تعلُّقه بابنتِه الصغرى أَن يرفض طلبها، أَمام عزمهَا وإصرارهَا. أخيرًا تحقَّق الحلم ودخلت خوانيتا دير الكرمَليَّات الحافيات في "لوس أَنْدِسْ" يوم 7 أيار، واتَّخذت اسمهَا الجديد : تريزا ليسوع، تمثًّلًا بمعلِّمَة الكنيسَة الأولى الأمّ القدِّيسَة تريزا ليسوع "الأَفيليَّة".

في 14 تشرين الأول، عشيَّة بَيْرَمُون الإحتفال بعيد الأمّ القدِّيسَة تريزا ليسوع "الأَفيليَّة"، التحقت بالإِبتداء. بيدَ أَنَّ هذه الراهبة المبتدئة، الَّتي بَلَغت سموًّا روحيًّا مذهلًا، ثمرة جهادهَا، منذ أَن كانت في العَالم وقد بلَغَ في الكرمَل ذروتهَا، كانت جاهزة للإِتِّحَاد الأخير بالمسيح. وفي حلول شهر آذار 1920 مَرِضَت بشدَّة، وأَعلَنت بإِيحاء داخليّ أنَّها ستموت بعد شهر. وبالفعل، اكتشَفَ الطبيب لدى معايَنتهَا بأنَّها مصَابة بمرض التيفوئيد. في 6 نيسان أبرزت نذورها الرهبانية الإحتفاليَّة، وفي 12 نيسان، طارت روحها النقيَّة لمعانقة العريس الإِلَه، بعد آلام رهيبة ونزاع مرير، متشِّبهة بالمسيح في آلامِهِ وموتِه.

سنة 1940 نُقِلَت رفَاتها مِن مقبَرَةِ الدير إِلى حصنِ الكَنيسة. وفي سنة 1988 تمَّ نقلها إِلى مزار دُشِّنَ على اسمِهَا في أَكُو، بِسَبَبِ توافُد المؤمنين الكَثير للصَّلاة على ضريحهَا وطلب النعم، وَعَدَم اتِّسَاع الدَّير لِهَذا العَدَد الغَفِير. في 22 آذار 1986، تَمَّ إعلانهَا مكرَّمة. في 3 نيسان 1987، أَعلنها البابا القدِّيس يوحَنَّا بولس الثاني طوباويَّة في سانتياغو. وفي 21 آذار 1993، أَعلنهَا قدِّيسة في روما وبعد سنوات وضَعَ لهَا تمثالًا في الفاتيكان، على حائط كاتدرائية القدِّيس بطرس في 6 تشرين الأول 2004. تعتبر تريزا ليسوع "دي لوس أَنْدِسْ" القدِّيسَة الثالثة في أَميركا اللَّاتينيَّة، وَقَد أَصبَحَ مزارهَا مركزًا روحيًّا في التشيلي. يُحتَفَل بعيدها في 13 تمّوز.

روحانيَّتها : إنَّها مِثَال للشَّبيبة لِعَيش الإِتِّحَاد بالمسِيح في العَالم
تركَت لنا القدِّيسَة تريزا ليسوع "دي لوس أَنْدِسْ" 164 رسالة مكتوبة (منذ سنّ العاشرة ولغاية موتها) ودفتر مذكَّرات، كتبته ما بين 1915 و 1919 بطلب من الأمّ ريوس، رئيسة ثانوية القلب الأقدس، فيها تكشف عن علاقتهَا الحميميَّة بيسوع. أرادت أن تُتلِفَهُ قبل دخولها إلى الدير، لكن أمَّها احتفظت بهِ ولم تقرأه إلَّا بعد موت ابنتها، قالت: "القصة الَّتي سَتَقْرَأينَهَا ليست قصَّة حياتي، إنَّما القصَّة الحميميَّة لنفسٍ فقيرة، أحبَّها يسوع المسيح وغمرهَا بالعَطايا والنِّعم على غير استحقاقٍ منها".

أحبَّت تريزا يسوع منذ نعومَة أظافرهَا، أُعطِيَ لهَا أَن تفهَمَ أَسرارَ الإيمَان والحُبّ الإِلهي في عمر مبكر. والملفت فيهَا أنَّ عشقهَا للمَسيح وولوجهَا في أسرارِ قلبهِ الإِلهيّ ومشاركتِهِ في آلامِهِ لخلاص النفوس عاشَتهُ قبلَ دخولهَا إِلى الكرمَل، أَي في بيتهَا ومدرستهَا، في مجتمعهَا وحياتَها العادية، فَبَاتَ العَادِيّ مصبوغ بنفحَةٍ إلهيَّة. لقد عاشَت الطريق الصَّغير للقدِّيسة تريز الطفل يسوع الوجه الأقدس، بجذريَّة رائعة. جاهدت بمسَاعدة مريم العذراء لتقويم طبعهَا، وجعل حواسِهَا وإرادتهَا وكلّ مقوِّماتها الإنسانيَّة تحت طوع الروح القدس. آمنَت تريزا بأهميَّة التربية لبناء جيل صالح، لا سيَّما تربية الفتاة، قالت : "تربية المرأة أكبر أهمية من تربية الرجل، لأنها هي من سيقوم بعدها بتنشئته" (مذكرات 40).

تتلخَّص روحانيَّة تريزا ليسوع "دي لوس أَنْدِسْ" بِكَلِمَتَين : "الألم والحبّ"، قالت: "إنَّهما يَحْوِيَان حيَاتي كلَّها... عَلَّمَني يَسوعُ الطيِّب أَن أَتَأَلَّمَ بِصَمْتٍ وَأَسْكُبَ فيهِ قلبي الصَّغِير الفَقِير" (مذكرات 1). قالت: "إِنَّ يسوع المسيح هو مجنون بالحُبّ. وَقَد صيَّرني مجنونة". "عندما أحِبّ، فَلِلْأَبَد. الكَرمَلِيَّة الحَافِيَة مِن صَومَعَتِهَا تُرافِقُ النفوس الَّتي أحبَّتهم في العالم..."

تُزَوِّدُنَا تريزا بمَفَاتيح لبلوغ القداسَة، أَي اتِّحَاد النَّفس بالمسيح، وَهِذِه المفاتيح أَخَذَتها بدورهَا عَن إِخوتِهَا القدِّيسِين الكَرمَليِّين، في ارتِقَائِهم جَبَلَ الكَرمَل. إِليكم منهَا أَربعَة مفاتيح أساسيَّة :
1 – معرفة الذات ← التواضع والاستسلام الكامل بين يديّ الله.
إِنَّ أَروَعَ عطيَّة يمنحهَا الله للنَّفس هي في معرفَةِ ذاتهَا بالحقّ على ضَوءِ الرُّوحِ القُدُس، هذه المعرفَة المستَنيرة تقودُ إلى التواضع، وإِقرارِ النَّفس بِعَجزهَا فتَستَقبِلَ كلَّ شيء مِنَ الله، ولا تنظر إلى الآخرين نظرة دينونَة بل محبَّة ورحمَة لأَنَّها عارفَة بضعفهَا وخطيئَتِهَا.

2 – العزم العازم ← المثابرة في التقدُّم شاخصين النظر إلى المسيح.
قالت: "وَإِذَا سَقَطْتُ بِسَبَبِ ضعفي، يسوع حبيبي، أنظُرُ إليكَ وأَنتَ صَاعِدٌ الجُلْجُلَة، وبِمَعُونَتِكَ، أَنهَضُ مِن جديد".
قالت: "علينا أَن نُمِيتَ الإِنسَانَ العَتِيق، فَنَتَخَلَّى عَن طَلَبِ ذوَاتِنَا ونَعمَل، لا مَا يروقنَا، بل ما هي إِرادةُ الله. تلك هي تقدمَةُ المسيحيّ المستمرة".

3 – العطش لخلاص النفوس ← جلجلة الحب.
قالت: "أريد أَن أصبح ضحيَّة لأجل الخطأة. وأَجعل شُغْليَ الشَّاغل أَن أُصَلِّي لأجل العالم وأَن أُخَلِّصَ النفوس بواسطة الصلاة".
قالت: "الراهبة الكَرمَليَّة الحَافِيَة، تَصعَدُ إِلى الجُلجُلة، وهناكَ تُضَحِّي بِنَفسِهَا لأَجلِ النفوس وَتدفُن ذاتهَا، وقبرهَا هو قلبُ يسوع. وَمِن ثمَّ تقُوم وتولَدُ حيَاةً جديدَة، وَتَحْيَا حيَاةً متَّحِدَةً معَ العَالَمِ أَجمَع".

4 – العلاقة الشخصيَّة بمريم العذراء ← البلوغ الأمين للإتّحاد.
قالت: "مريَم هي الأمُّ الحنونة الَّتي لا يَطلبهَا أَولادها بدونِ نتيجَة. لَقَد كانت رفيقَتي الَّتي لم تتركني أَبدًا. كانت حَافِظَة أَسراري منذُ نعُومَةِ أَظافري. لَقَد أَصَغْتُ إِليهَا قصَّة أَفراحي وأَحزاني. كَم مِن مرَّةٍ شَدَّدَت قلبي المسحُوق بالأَلم" (رسالة 81 لأخيها لويس).

هذه هي القدِّيسة تريزا ليسوع "دي لوس أَنْدِسْ"، القدِّيسَة الأَصغَر في رهبانيَّة إخوة الطوباويَّة مريم العذراء، سيِّدة جَبَل الكَرمَل. تدعونا الكَنيسَة المقدَّسَة، اليوم، للتأمُّل في حيَاتهَا، وكتابَاتهَا، والإقتداء بِفَضَائِلهَا لبلوغ قمَّة جبل الحبّ، في الفقر والتواضع، والإتِّكال على حُبِّ المسيح ودعوتِهِ لكلٍّ منَّا بأَن نكونَ لهُ تلاميذ، ونُثْمِر ثِمَارًا كثيرة. (يوحنا 15).

جميع الـحقوق مـحفوظة لـِلمَوقِع الإِلكتروني لرهبانيَّة الكرمَليِّين الحفاة في لبنان ©

Saint
Joseph Epoux de la V. Marie

Sainte
Thérèse de Jésus (d’Avila)

Saint
Jean De La Croix

Sainte
Thérèse de l’Enfant Jésus de la Sainte Face

Sainte
Thérèse-Bénédicte de la Croix

Sainte
Marie de Jésus Crucifié

Sainte
Elisabeth de la Trinité

Bienheureuse
Thérèse Marie de la Croix

Saint
Raphael Kalinowski

Bhx. Fr.
Marie-Eugène de L'Enfant Jésus

Autre Saints

les Saints du Carmel

Carmel Kids