Page d'accueil Nos saints
القدِّيسَة إليزابيت للثالوث الإفخارستيا تعبير عن حبّ الله
  • Bienheureuse Elisabeth de la Trinité

- الإفخارستيا والألم –

" وبينما هم يأكلون، أخذ خبزًا وشكر وكسره وناولهم إيّاه وقال : "هذا هو جسدي يُبذل من أجلكم. اصنعوا هذا لذكري". وصنع مثل ذلك على الكأس بعد العشاء فقال : "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يراق من أجلكم ". (لو 22/19-20).

أراد يسوع المسيح، بتجسّده، أن يُشرِك الإنسان في كلّ شيء، فلم يعطه كل ما يملك وحسب، بل أعطاه ذاته، كلَّ ذاته، تحقيقًا لما قال: " ما من حبٍّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبّائه ". ظهر هذا العطاء جليًّا على خشبة الصليب.

نعيش في الإفخارستيا هذا السرّ الكبير : من جهة، حب الله الذي يعطي ذاته للإنسان والذي دفعه إلى الموت من أجله؛ ومن جهة أُخرى، جوابَ الإنسان الذي يريد أن يجاوب على هذا الحب فيبدأ مسيرة تحوّل كبير ليُصبح هو نفسه، مسيحًا آخر يُعطي ذاته من أجل الله والإنسان.

بدأت خبرة القدِّيسَة إليزابيت للثالوث مع الإفخارستيا في يوم احتفالها بالمناولة الأولى التي شكّلت الحدث الأساسي في حياتها. نلاحظ ذلك من خلال ما روته لرفيقتها في لحظة خروجها من الكنيسة : " لست جائعة. فيسوع قد غذّاني " (ذكريات 14). إننا نرى شفافيّة هذا التعبير وبساطته، لأن يسوع ذاته قد قال : " أنا خبز الحياة. من يُقبل إليّ فلن يجوع ومن يؤمن بي فلن يعطش أبدًا " (يو 6/35).

إنّ الغنى الكبير، الذي عبّرت عنه إليزابيت بهذه الكلمات، لم يقف عند يوم المناولة الأولى، بل طبع حياتها كلّها. فمنذ ذلك الوقت بدأت إليزابيت تسيطر على ذاتها، وخصوصًا، على ردّات فعل الغضب التي كانت تتملّكها، تحرّكها رغبتُها الكبيرة في أن تهيئ ذاتها، بشكلٍ لائق، للقاء المسيح، حاجة قلبها. وبتعبير آخر، كانت بداية وضع أساسات روحانيّة إليزابيت للثالوث التي ستتمحور حول عطاء الله لذاته وحضوره في قلب الإنسان المدعو إلى بناء علاقة حب شخصيّة مع المسيح.

فهمت القدِّيسَة إليزابيت ديناميكية هذا الحب، مما جعلها تقول بعد دخولها الكرمل : " يبدو لي أنّ لا شيء يعبّر عن الحب الكامن في قلب الله أكثر من سر القربان المقدَّس… " (رسالة 165). " القربان المقدَّس هو ذروة المحبة الإلهية؛ هناك لا يعطي استحقاقاته، وآلامه فقط، بل يهب نفسه لنا " (يوميات 30 آذار 1899).

رغبت إليزابيت في لقاء المسيح الحاضر في الإفخارستيا، فكان تناولها بمثابة اتحاد كليّ به وتملُّك للسماء : " فيسوع حيّ دائم : حي في بيت القربان، في سره المعبود وحيّ في نفوسنا… وبما أنه هناك، فلنمكث برفقته كالصديق بالنسبة إلى الذي يحبّه " (رسالة 184). من هنا، نرى أهميّة هذا الحضور : حضور الله في الإنسان وحضور الإنسان مع الله. الله الذي أراد أن يكون مع الإنسان، وأن يأتي إليه، وأن يخاطبه وأن يعطي ذاته، ويرغب في أن يشاركه الإنسان هذا الحضور وهذا الحبّ.

إنّ حضور إليزابيت أمام الله الحاضر فيها لم يكن هدفًا بحدّ ذاته. كان