تريزا ليسوع وإليزابيت للثالوث

كتابة الأب أنطونيو القدِّيسي الكرمَلي

وُلدت إليزابيت كاتيز في القرن التاسع عشر، في فرنسا. مع بداية القرن العشرين، اتخذت من الكرمَل مسكنًا لها، حيث أضافت فيما بعد على اسمها الأصليّ، اسم سرّ وجودها، ألا وهو الثالوث الأقدس، لتُصبح بذلك علامة حيَّة على الحضور الإلهيّ في هيكلها. إنها مسكن للثالوث الأقدس. إنها حقيقة طبيعتنا البشريّة، فنحن هياكل للآب والابن والروح القدس. فحيث نقيم نحن يقيم إلهنا. إنطلاقا من إيمانها هذا، بدأت إليزابيت تتلمَّس في العالم، مكان تواجدها، حضورًا حقيقيًا للسَّماء على الأرض: فها هي ترى في الكرمَل، وفي نفسها وفي الآخر انعكاسًا للسَّماء؛ فحيثُ يكون الإنسان يكون الثالوث الأقدس وبالتالي تكون السَّماء.

ليس بالصدفة اختيار يوم 16 تشرين الأول من هذا العام 2016، يومًا لإعلانها قدّيسة على مذابح الرّبّ. فهو التاريخ الأقرب من عيد والدتِها أمّنا القدّيسة تريزا ليسوع الأفيليّة، كيف لا وهي ابنتها الروحيّة بامتياز. إنَّ عشق إليزابيت للكرمَل، ليس عشقًا لجدران الدير أو لحديقته أو لكنيسته أو لحصنه، وإنما هو عشق لاختبار كبار قدّيسيه وعلى رأسهم أمّنا القدّيسة تريزا ليسوع الأفيليّة.

فمن اللّقاء الأول لإليزابيت مع الكرمَل المتمثل في راهبات دير الكرمليَّات الحافيات في ديجون، انتقلت إلى لقاء من نوع آخر مع الكرمَل، من خلال قراءتها لكتاب طريق الكمال للقدّيسة تريزا ليسوع الأفيلية. فيه اكتشفت حقيقة انتمائها وإن على علم غير مباشر منها إلى مدرسة الصلاة التي ابتدأتهَا مُصلحَة الكرمَل. فمن كان يقود خطاها نحو الكرمَل هو عمل الروح القدس الذي قاد خطوات تريزا، تاركًا من خلال إختبارها إرثًا تنهل منه نفس كلّ من يبحث عن علاقة وطيدة مع الإله الصديق. فقراءتها لموضوع الصلاة في كتاب طريق الكمال أوضح لها حقيقة النعم التي كانت نفسها قد بدأت بتذوّقها، ممَّا زادها الأمر قناعة بأنَّ الكرمَل هو دعوتها.

إلى جانب الصلاة، فقد وجدت إليزابيت في تعاليم أمّها تريزا ليسوع الأفيليَّة الكثير من الحقائق التي رافقتها في كلّ مسيرتها الروحيّة. نكتفي بذكر اثنتين منها.

أولاً الصداقة الروحية مع الله. فالله هو الصديق الأكثر وفاء للإنسان. فهو الصديق الذي لا يتوانى عن إظهار وفائه مهما مرَّ في نفس الإنسان من ضعف أو خطيئة. هو الصديق الرحوم الذي لا يتعب من إظهار تقديره للإنسان بالرغم من كلّ زلاته.

ثانيا التواضع الحقيقي أمام الله. فبالنسبة لإليزابيت التواضع الحقيقي هو أن يعترف الإنسان بعظمة محبّة الله له، بالرغم من عدم قدرته على مبادلته الحُبّ نفسه. فالتواضع الحقيقي لا يكمن في الإبتعاد عن الله لعدم استحقاقنا له، وإنما في الإدراك أنَّ الإختلاف الموجود ما بين الضعف البشريّ والرحمة الإلهية، هو محطّ لقاء بين المصالحة مع الذات، والثقة المطلقة بالله. فالمتواضع الحقيقي، لا يرسم للرّحمة الإلهيّة حدودًا ولا يضع لنفسه قيودًا وإنّما يعترف بحقيقته وبحقيقة من يحبّه، أي الله.

ممّا لا شكَّ فيه أبدًا هو مدى اعتزاز الأمّ بابنتها، فهَا هي أمّنا القدّيسة تريزا ليسوع الأفيلية تشهد على إعلان ابنتها قدّيسة على مذابح الرّبّ. إنّها ثمرة ما صنعه الرّبّ من خلالها في الكرمَل. فبعد الإحتفال بعيد أمّنا القدّيسة تريزا في 15 تشرين الأول، سنحتفل بعيد قداسَة ابنتها إليزابيت للثالوث في 16 تشرين الأول. إنها علامة حيّة على استمرارية كلّ ما بدأته القدّيسة تريزا في كنيستنا وما زالت تقدّمه لنا من خلال أبنائها وبناتها الكرمليِّين والكرمليَّات، المنتشرين في كلّ بقعة من الأرض. ولطالما أرادت أن تجعل من الإنسان صديقا لله. فها هي اليوم ترنّم مراحم الرّبّ التي تصنع من النفوس قدّيسين وقدّيسات.

Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit