"مع مريم أمّ يسوع"

كتابة: الأخت نور يمّين الكرمَليّة
(الراهبات الكرمَليَّات للقدّيسة تريزا ليسوع فلورنسا)


كثيرًا ما نسمع من شرّاح الكتاب المقدّس عن التشابه بين صلاة مريم، أو ما يُعرف بنشيد تُعظم نفسي الرّبّ، وبين صلاة حنّة أم صموئيل، في العهد القديم.

نرى حنة أم صموئيل امرأة ألقانة، تصلّي وتنذر إبنها للرّبّ، والرّبّ استجاب لها وأعطاها صموئيل، واسمه يحمل في معناه أنّ الله سمع. ولقد صلت حنّة أم صموئيل نشيدًا تُشيد فيه بأعمال الله: "ابتهج قلبي بالرّبّ… أنّي قد ابتهجت بخلاصك… قسي المقتدرين كُسِرت، والضعفاء تسربلوا بالقوّة…الشباعى آجروا أنفسهم بالخبز والجياعُ كفّوا، عن العمل... حتى إِنّ العاقر ولدت سبعة وكثيرة البنين ذبلت…الرَّبّ يقيم ويغني، يضع ويرفع، يقيم المسكين من التراب، يرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ويملكهم كرسي المجد..." (1صم 2:1-10)، ولهذا النشيد مكانته في الصلاة اليهوديّة ولا شكّ أنّ العذراء مريم عرفته من خلال معرفتها لكلام الله.
لكنّ حنّة صلّت هذه الصلاة في ظروف تختلف تمامًا عن ظروف مريم، فهي تحمد الرّبّ لأنّه خلّصها من عار العقم بولادة صموئيل، ومن هنا فصلاتها ارتبطت بهذه الحاجة، وبتحقيق الله لمطلبها، وبعد أن فطم الصبيّ صموئيل، قدّمته ليكون مكرّسًا للرّبّ، وهكذا انتهى دورها في هذه المرحلة.

أمّا في حال النّشيد الذي نطقت به مريم العذراء في زيارتها إلى أليصابات فيعكس لنا بعض الصفات عن العذراء مريم نفسها وعن مشروع الله الخلاصي.

كلمات النّشيد تعكس لنا روحانيّة إنسانة تعيش الصلاة، والنفس المتعبدة والتي تعرف أن تصلّي هي وحدها التي تستطيع أن تعبر عن الصلاة بالصلاة. كما تكشف عمق معرفتهَا لكلمة الله التي صارت لسان حالها في كلّ ما تقول.

والعذراء مريم تختبر على المستوى شخصي عمل الله في ذاتها، وهذه العلاقة الشخصيّة بالله عبّرت عنها مريم بقولها "تعظّم نفسي الرّبّ" وكلمة نفسي هنا تعني خبرتها الذاتيّة واختيارها لله: تُعلن عن عظمة عمل الله وقدرته في حياتها الشخصيّة.

ومريم لم تكن تتوقّع هذا الأمر إطلاقًا (أي إختيارها أمًّا للمسيح المنتَظَر)، بل نجد أنّ النشيد يعكس لنا تواضع مريم وإعلانها عدم استحقاقها لهذا الأمر العظيم. لأنّ التواضع هو من عمل النعمة في الإنسان، وكلّما نمى الإنسان في علاقته بالله امتلأ من النعمة؛ فالتواضع هو العلامة الأولى لوجود الإنسان في حالة النعمة.

ولهذا نجد مريم "أمّ يسوع" حاضرةً بين التلاميذ بعد ارتفاعه، فدورها وحضورها لم ينتهي، كما يذكرها كتاب أعمال الرسل "وكانوا يواظبون على الصلاة بقلب واحد، مع بعض النسوة ومريم أم يسوع..." (أعمال 1: 14) ، ولا تزال حاضرةً في الكنيسة. هي التي أعطانا إياها الرّبّ أمًّا في شخص التلميذ الحبيب الذي أخذها الى بيته.

إنّها معنا حيث تجتمع الكنيسة للصلاة، وهي معنا في قلب كلّ مؤمن، وهي في انتظار أن نلقاها معنا في ملكوت السماوات.
جميع الـحقوق مـحفوظة لـِلمَوقِع الإِلكتروني لرهبانيَّة الكرمَليِّين الحفاة في لبنان ©

Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit