روحانية التقدمة والتسليم مع القديسة تريز الطفل يسوع والوجه الأقدس الكرمليَّة

في عيد تقدمة يسوع إلى الهيكل
كتابة الأخت نور يمّين الكرمليَّة


هي قصة ميلادية قديمة، قرأتها منذ مدة، ومنها أبدأ:
"كنيسة صغيرة في قرية مؤمنة، كانت الراهبات يُقمن فيها كل سنة مغارة للطفل يسوع، وكانت العادة أن أهل القرية كانوا يأتون ليلة الميلاد ويتنافسون في من يقدم أجمل هدية للطفل، لأن التقليد السائد كان يقتضي أن تحدث عجيبة كل سنة، بحيث أنَّ أجراس الكنيسة كانت تقرع وحدها عندما يعتبر يسوع الطفل أن هديةً ما هي أفضل هدية.

وفي سنة من السنوات، هيَّأت الراهبات المغارة، وفي المساء، جاء المؤمنون يتنافسون في تقديم الهدايا، كان أوَّل القادمين رجل غنيّ دخل الكنيسة يحمل تاجًا مرصَّعًا بالجواهر، تقدَّم نحو الطفل وقال له:"أيُّها الطفلُ الإلهيّ، هذا تاج ثمين أقدّمه لك لأنك ملك الملوك، وربَّ الأرباب" وانتظر أن تُقرع الأجراس، فلم تُقرع.

ثم دخلت سيِّدة أنيقة حاملة أجمل أنواع الألبسة للأطفال وأغلاها ثمنًا، فتقدَّمت وقالت:"هذه لكَ أيُّها الطفلُ الفقير، كي تلبس ثيابًا جميلة لأنك"أجمل بني البشر" وانتظرت أن تُقرع الأجراس، فلم تُقرع.

وتوالى الناس يقدِّمون لهُ أفخر ما يوجد في المحلات التجارية، لكنَّ الأجراس لم تُقرع، وبدأ الناس يظنّون أنَّ المعجزة لن تحصُل تلك السنة.

وكان ولدٌ فقير يلعب في ساحة الكنيسة بِكُرتِهِ القديمة، رأى الناس يدخلون الكنيسَة ويخرجون، فسأل عن الأمر، فقيل لهُ أنَّ المؤمنين يتنافسون في من يقدِّم أجمل هديَّة للطفل. حملَ الولد كُرَتَهُ ودخل الكنيسة، وأراد الإقتراب من المغارة، لكنَّ الكبار منعوه بحُجَّة أنَّه لا يُسمح بدخول الصغار، لأنَّ الكبار وحدهم يستطيعون أن يقدِّموا الهدايا الثمينة، لكنَّ الولد لم يأبَه، وبقي يقترب شيئًا فشيئًا ويشقُّ لهُ طريقًا بين الناس، حتى وصل أمام المغارة ونظر إلى الطفل يسوع فخفق قلبهُ، ودون أن يفكِّر وجد نفسه يقول: "يا يسوع، أنا فقيرٌ وصغير، ولا أستطيع أن أقدِّم لكَ هديَّة ثمينة، لكن أرجو أن تقبل منِّي كُرَتِي الوحيدة التي ألعبُ بها، كي تلعبَ بها عندما تكبر". واغرورقَت عَينا الطفل بالدموع، فابتعد عن المغارة كي يخرج من الكنيسة، "وإذ بأجراس الكنيسة تقرعُ بأعلى ما عندها".

لا حاجة لنا لتقديم تفسير لهذه القصَّة، ولا للإستفاضة في التحدُّث عن معناها الروحي: بالبساطة والتواضع نربح المعجزة، أي نكسب قلب الله. ومن قلب أبسط الأحداث والعادات التي عاشها الشعب اليهودي آنذاك، عاش يسوع المسيح طفولتهُ بالبساطة والإيمان، والتي منها سيستقي ركائز تعاليمِهِ: "إن لم تعودوا كالأطفال، لن تدخلوا ملكوت السماوات"، و "تعلّموا مني فإني وديعٌ ومتواضعُ القلب".

تروي لنا أناجيل الطفولة حدثَ تجسُّد ابن الله، الذي بمجيئِهِ إلى العالم، حقَّق "تبادلاً سريًّا" بين اللاَّهوت والإنسانيَّة: حملَ، في الواقع، الطبيعة البشريَّة ليستطيع الإنسان المشاركة في الطبيعة الإلهيَّة. ويأتي حدث تقدمَة الطفل يسوع إلى الهيكل من قِبَل أبويه، خطوة أولى في مشوار تقدمة الرَّبّ نفسه لفداء البشريَّة، وخلاص الإنسان. وهذا ما يعلنهُ سمعان الشيخ بلقائه بالطفل الإلهيّ: "نورًا يتجلَّى للأمم، ومجدًا لشعبه ..."، فيمنحه حضور هذا الطفل السلام الذي طالما ارتجاه من الله، فقد بدأ عهدٌ جديد، يحمل، بالبساطة والتواضع، خلاص الله للبشر.

هذا كان اختبار تريز الطفل يسوع والوجه الأقدس في ميلاد 1886، حين غيّر يسوع حياتها وقلب حالها بما تسمّيه هي "نعمة الميلاد" (مخطوط أ، 133)، وما نعتبره نحن اليوم خطوتها الأولى في مسيرة الإستسلام والثقة بعمل الله:

"وبالرغم من كلّ ما اعترضَ سبيلي، فقد تمَّ فيَّ ما أرادهُ الله. إنَّهُ لم يسمح للخلائق أن تنفِّذ ما تريده هي، بل إرادته هو. لقد كنت منذ فترة، قدّمتُ ذاتي للطفل يسوع، لأكون بين يديه، الدمية الصغيرة التي يلهو بها. وقلتُ له آنذاك، ألاَّ ينظر إليَّ كدمية ثمينة كتلك التي يكتفي الأولاد بالتطلُّع إليها ولا يجرؤون على ملامستها، بل كإلى كُرة صغيرة لا قيمة لها، يرمي بها إلى الأرض أو يقذفها برجلِه أو يثقِبها أو يهملُها في زاوية أو يضمُّها إلى صدره، وفقًا لما يجد فيه مسرَّته. وبكلمة، كنتُ أريد أن يلهو بي الطفل يسوع، ويرتاح إليَّ. كنتُ أريد أن أقف ذاتي لرغباتِ طفولتِه ... فاستجابَ صلاتي" (قصة نفس).

وقد طبعَ هذا التأمُّل بالبساطة والتواضع حياة تريز، حتى أننا نجدها تقول في "الكلمات الأخيرة": "أنَّ ما يوليني خيرًا، عندما أفكِّر في العائلة المقدَّسة، هو أن أتصوّر حياتها عاديَّة جدًا. ليس ككلّ ما يسردون عنها من أخبار أو ما يتصوَّرونه. (على مثال الأناجيل المنحولة) ... ولكن لا، كلّ شيء في حياتهم كان يجري مثل حياتنا".

وفي "قصة نفس" تخاطِبُ الرَّبّ:
"يا يسوع، ليتني أستطيع الإتصال بالنفوس الصغيرة جميعها، لأحدّثها عن تنازلكَ اللاَّموصوف ... وإنِّي لأشعر، أنكَ لو وجدتَ نفسًا أضعف من نفسي، وأصغر، وهذا يستحيل، لحَسُنَ لديك أن تغمرها بنِعَمٍ أعظم، إذا استسلَمَت في ثقةٍ لرحمتكَ اللاَّمحدودة. أجل، إنِّي لأعلم ذلك، وأضرعُ إليكَ أن تعملهُ. أناشدكَ أن تميل بنظركَ الإلهيّ إلى عدد كبير من النفوس الصغيرة ...".

فلنحرُص على أن نستخلص دائمًا من تأمّلاتنا بالكتاب المقدَّس حبَّ الربّ يسوع المجَّاني لنا، هو القدّوس الذي تنازلَ وقدَّم ذاته من أجلنا، وما زال معنا، بحسب وعده، حاضرًا في أبسط حضور وأكثره تواضعًا: "القربان المقدَّس"، الذي به يقوّينا، فنثابر على الهرب من الخطيئة، لنتقدّم بالنقاوة والفضيلة، مستسلمين كليًّا للرَّبّ القادر، والذي يريد، أن يفعل كلَّ شيء من أجلنا، حتى نقدّم له ذواتنا بكليّتها.

ومع كلمات تريز الطفل يسوع، تترسَّخ فينا هذه البساطة والثقة بعمل النِّعمة في نفوسنا:
"إنَّهُ ليَحسُن لدى يسوع، أن يُرشِدني إلى الطريق التي تقود وحدها إلى هذا اللَّهيب الإلهيّ. وهذه الطريق، هي استسلام الطفل الذي ينامُ مطمئنًا بين ذراعيّ أبيه...".

Liturgie

Icônes Carmélitaine

Vocation

Neuvaine

Prions avec Thérèse de Jésus

Rosario

Avec le Pape

Etude Bibliques

Prière et Méditation

Vive le Carmel

Chemin de Croix (Via Crucis)

Homélie

Chapelet du Saint Esprit